الخميس، 8 ديسمبر 2011

لأطفـــال فــاقدو الرعـاية الأبوية 5

تزايد أعداد الأطفال مجهولي النسب , أصبحت ظاهرة تؤرق المجتمعات العربية , والسودان واحد منها بلا شك ,وتختلف تسمياتهم في الدول العربية, فيطلق عليهم الأطفال غير الشرعيين, أو اللقطاء أو فاقدي الرعاية, والسند وأكثر الأوصاف التي تلصق بهم, إيلاما للنفس (أبناء الحرام ) وإن كان الوصف صحيحا الأ أن إطلاقه ,علي هؤلاء الذين لا ذنب لهم, يجرح كرامتهم, و يصيب ما تبقي لهم من كبرياء, وعزة نفس في مقتل , ذلك إن المجتمعات الإسلامية ,لا ينبغي الا أن تكون متكافلة, متراحمة, مع كافة أفرادها, وخصوصا مع هذه الشريحة, التي جاءت إلي المجتمع , دون رغبة منها ,نتيجة تخلي البعض ,عن قيم الفضيلة, والخير, والرحمة والعفة, ومؤكد أن تزايد أعداد هؤلاء وراءه أسباب بعضها موضوعية, وبعضها الآخر, غير موضوعية , وفي كلتاهما ليس هناك من يؤيد إمراة أو رجلا, لكي يرمي بنفس بريئة إلي المجتمع, دون أن يتحمل مسئوليته تجاه الله ,أولا, وتجاه من خرج من صلبه, أو من أحشائها أو رحمها ثانيا , هذا إذا غضضنا الطرف, عن عقوبة الزانية, والزاني شرعا (الرجم للمحصن, والمحصنة, والجلد لغيرهم )ثم العقوبة التي تنتظرهما في الدنيا, والآخرة, فان شاء عفا عنهما وإن شاء عذبهما, مع أصحاب الكبائر,فمن الأسباب الموضوعية التي تؤدي إلي ممارسة هذا السلوك الخاطئ بين رجل وامراة بين فتاة وشاب, ضعف الوازع الديني والجهل بأحكام ديننا الحنيف, الذي يدعو إلي غض البصر, وحفظ الفرج ,والزواج في حال القدرة ,إحصانا للجنسين, والصوم لمن لا قدرة له بالزواج, كي يكون وجاءه له ,ثم من الأسباب التي تؤدي إلي تزايد أعداد الأطفال فاقدي السند, عدم تيسير المجتمعات العربية والمسلمة, أمر الزواج أمام الشباب, بل وعدم توفير الحكومات, الوظائف للخريجين, من الجنسين, وغير الخريجين, وارتفاع تكاليف الزواج عموما, ابتداء من بناء المنزل, وتأثيثه, مرورا بتوفير لوازم الزواج, من مهر( وشيلة) ووليمة, وحفلات, وغيرها, وانتهاء بالصرف علي مؤسسة الزوجية, ففي كثير من الحالات, يقع الطلاق بعد أشهر, من الزواج,ليدخل بعدها المطلق والمطلقة, في رحلة بحث جديدة للاستقرار, قد تقود بعضا منهم إ إلي حيث استراق لحظات متعة حرام, ثم التخلي عما بذراه ,للمجتمع والشارع, ومن الأسباب الجهل الكبير بأحكام الشريعة في هذا الجانب , والأمية, خاصة في صفوف النساء, وبعض التقاليد البالية, التي تعتبر البنت مجرد قطعة متاع للرجل, والمرأة مجرد مصنع لإنجاب الأطفال ,دون النظر إلي احتياجاتها النفسية والبيولوجية الأخرى , مما يجعل البعض منهن يبحثن عن المتعة بعيدا عن أزواجهن, أي في أحضان رجال غرباء عنهن, ويعتبر هذا السلوك من اكبر الخيانات ,التي تقع بين الرجل وزوجته ,ويحدث هذا تارة بتأثير وسائل الإعلام ,خاصة الأجنبية, والمسلسلات, والأفلام, والانترنت, وغيرها من وسائط الإعلام الاخري ,التي تنشر قيم التحلل والتفسخ ,كما أن إيقاع الحياة السريع, أضر بالأسر الممتدة التي كانت تراقب الفتاة, وتساعد في التربية, أما الآن فلا دخل لأحد بجاره, ولا بأخيه, وأخته ,الكل يركض, ومن غريب ما سمعت, أن شابا ظل لسنين طويلة يطارد النساء والفتيات في العاصمة, فيأخذ هذه إلي بيت معين, وتلك إلي بيت آخر, وظل علي هذه الحال, حتى كانت الطامة الكبري, دخل ذات ليلة, إلي بيت من تلك البيوت المشبوهة, وإذا بربة البيت التي تصطاد أمثاله من الساقطين. تقول: له إنك اليوم علي موعد مع واحدة لم تر مثلها في حياتك ؟؟فانفرجت أساريره فقال لها أتيني بها حالا ,فقالت له :مهلا إنها بالداخل تتجمل وتتعطر لك لكن فقط القيمة مضاعفة قال لها :أنا رهن اشارتك فقط استعجليها ,فعندما دخلت وأغلقت الباب خلفها , لم يتبين ملامحها بشكل جيد, لكن عطرها النفاذ سبقها إلي انفه إنها فتاة تلبس ملابس نوم مثيرة, تظهر جسدا بضا, طريا, فاتنا فعندما هم بها, وهمت به, ونظر إليها, ونظرت إليه, ألجمته الدهشة, وسقطت هي من هول الصدمة مغشيا عليها يا للهول : إنهما ليسا سوي شقيقين؟ ؟جاءت من احدي الداخليات الجامعية للمرة الأولي, إلي هذا البيت. مع صديقة لها, اعتادت المجي إلي ذلك المكان , هذا اللقاء الذي جاء صدفة ربما أراد الله الذي يستر العبد كثيرا, أن يبتلي فيهما هذا الشقيق وشقيقته, إذ أن العقوبة لابد أن تقع ولو بعد إمهال طويل, سيما في مثل هذه الأمور, والقصص والروايات حول سلوك فئة قليلة من الرجال و والنساء والشباب من الجنسين أكثر من أن تروي ,في مقال كهذا, إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة ان مثل هذه النماذج السيئة, يعج به مجتمعنا ,فالحمد لله ان قلة مريضة هي التي تمارس مثل هذا السلوك السيئ والمشين, لذلك لابد أن تقوم مؤسسات المجتمع كافة من إعلام, ومساجد, وكنائس و ومؤسسات تربوية, ورسمية أخري ,بدورها الكامل في توعية المجتمع, وتوفير العيش الكريم للأفراد المجتمع, والسعي بشتى الطرق من أجل اجتثاث هذه السلوكيات الدخيلة, علي مجتمعنا, والمجتمعات الاخري
ومن الأمور غير المقبولة لممارسة هذه السلوكيات الشائنة ,أن بعض الشباب يخدعون الفتيات, ويعدونهن بالزواج ,وكمقدمة لاصطيادهن, لابد من بعض الكلام المعسول, من شاكلة( إنني احبك واعد نجوم الليل نجمة نجمة, وبعد هذا كله يجافي النوم عيوني من شدة تفكيري فيك فتصدق المسكينة هذه الترهات وتسلمه نفسها لتفرط في اغلي ما تملك) (شرفها )و ليت الأمر توقف عند الشرف الضائع, بل يتعداه إلي أن يواصل معها هذه اللعبة القذرة, حتى إذا حملت منه, تركها إلي مصيرها المجهول؟ لتعاني بمفردها, وإن حاولت الطلب منه سترها, هددها بما معه من صور, ورسائل, وربما أفلام سجلت في غفلة, أو بعلم منها ,لذلك لا ينبغي أن تتهاون أي فتاة مع أي شاب أيا كان حتى لا تعيش عمرها كله ذليلة حقيرة ,وبالطبع يا ويلها لو عرف أهلها بتفريطها في شرفها .
لقد أوجب الإسلام علي الدولة والمجتمع, رعاية الأيتام اللقطاء, رعاية كاملة وجزا الله الدكتور, الإنسا ن محمد الجميعابي وكل العاملين بدار المايقوما لرعاية الأطفال فاقدي السند, فلولا الله وجهودهم الكبيرة وجهود جهات أخري معهم لزهقت أرواح صغيرة بريئة كثيرة, لكن ماذا علينا أن نفعل لنخفف عنهم الحمل ؟؟لا شك أن الرعاية ,أو الكفالة, أو الإقامة, في مؤسسات مناسبة, هي ما ينبغي علي الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني القيام به, والكفالة هي الإطار الإسلامي السليم, لوضع الطفل اليتيم مع أسرة, لا تربطه بها صله الدم ,وفي معظم الدول العربية يستخدم لفظ كفالة لوصف هذه العملية, بينما يستخدم لفظ تنزيل علي فاقدي السند في المغرب, أما في الأردن فيعمل بنظام الاحتضان كبديل للتبني, حيث تقوم علي كفالة الطفل أسرة دون أن يحمل اسمها, لكن تبقي مشكلة هذه الشريحة الضعيفة في منطقتنا العربية في عدم وجود تشريعات, تتجاوز مساعدتهم في إيجاد اسر بديلة جديدة تضمن حقوقهم داخل الأسر التي احتضنتهم وتونس ربما هي الدولة العربية الوحيدة التي تسمح بالتبني وبالتالي يكون للطفل المتبني نفس الحقوق, والالتزامات التي يتمتع بها الطفل الشرعي, ومعلوم إن الإسلام حرم أن ننسب هؤلاء إلينا ,من قديم الزمان وأن ندعوهم الي أبائهم , لكن كفالتهم ورعايتهم وتوفير الحضن الأسري الدافئ لهم وتولي أمر تعليمهم, وصحتهم وإعالتهم, بل وتوفير الوظائف لهم وتزويجهم, ومن قبل إصدار الأوراق, والمستندات الثبوتية التي تمكنهم من السفر, والعمل والمشاركة, في كافة الأنشطة والأعمال من اوجب واجبات الدولة والمجتمع , ومن أجل القربات إلي الله , ,فكم من فاقد سند لم يجد وظيفة في الدولة أو القطاع الخاص؟ وكم منهم لم نزوجهم إناثا وذكرانا ؟,دون أن يكون لهم ذنب في نظرتنا الخاطئة إليهم , لذلك ينبغي علي المؤثرين والقادرين في مجتمعاتنا العربية احتضان هذه الشريحة, والعمل بكافة الوسائل علي إدماجهم في نسيج المجتمع, القائم علي الترابط الأسري و التكافل الاجتماعي , ولابد من إعادة صياغة القوانين والتشريعات الوطنية التي تعني بهم, لتتماشي مع روح شريعتنا السمحة, وحقوقهم التي كفلتنا قيم الأرض و وضع المزيد من الاستراتيجيات والخطط والبرامج والأنشطة, التي تساعد في منع انفصال الأطفال عن أسرهم و لأي سبب من الأسباب ,وتوعية الشباب من الجنسين بضرورة عدم تقليد الغرب في إقامة العلاقات الحميمة بعيدا عن اطر الزواج المعروفة, حتى لا ندفع بمزيد من الأطفال فاقدي السند للشارع, والمجتمع, ليعانوا من ظلم المجتمع لهم وبالتالي يحقدوا بدورهم علي المجتمع, الذي يريد أن يلفظهم دون ذنب جنوه، اللهم إلا أن والديهم تخلوا عن إنسانيتهم ورموا بهم إلي الشارع.
عن أبن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : إن اليتيم إذا بكي اهتز عرش الرحمن فيقول الله تعالي لملائكته :يا ملائكتي من ذا الذي أبكي هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب ؟فتقول الملائكة :ربنا أنت اعلم فيقول الله: لملائكته يا ملائكتي اشهدوا أن من أسكته وأرضاه أنا أرضيه يوم القيامة .لذلك علينا أن نلاعب ونلاطف ونمسح علي رأس كل يتيمة ويتيم ,لأنه افتقد حنان الأم قبل لبنها وافتقد دفئ حضنها,وقبلاتها له فمن يعوضه كل هذا غيرنا نحن معشر المسلمين رجالا ونساء ؟؟.
قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: (من ضم يتيما فكان في نفقته ,وكفاه مؤونته ,كان له حجابا من النار يوم القيامة ومن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة ). ومجهولو النسب لاشك من أكثر الفئات يتما كونهم حتى لم يروا والديهم وظل لسان حالهم (أين هم متى يأتون ؟)لذلك حاجة هؤلاء إلينا اشد من غيرهم من الأيتام وان كانوا جميعا بحاجة إلي رعايتنا لهم,فقصص هؤلاء والله تدمي القلوب, التي بها ذرة من الرحمة, وتؤلم الضمائر الحية (والخير في وفي امتي الي يوم الدين, دعوة محمدية ينبغي أن نتذكرها بحق هؤلاء وان نرحم هؤلاء ليرحمنا الله, والجنة تحت أقدام الأمهات اللاتي يرعين فلذات أكبادهن ,لا اللاتي يرمين بهم في الشارع ,
فاليتيم جراح لاتندمل, ودموع لا تتوقف, وأحزان لاحدود لها فمن له غيرنا ؟؟؟
إننا لم نولد شياطينا وقطعا لن نموت ملائكة , نحن وهم جميعا (الذين اقترفوا في لحظة ضعف هذه الآثام )بشر وكلنا خطاء وخير الخطاءين التوابون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق