الخميس، 8 ديسمبر 2011

الأطفـــال فــاقدو الرعـاية الأبوية 2

كيف نضع معايير عربية للاطفال فاقدي الرعاية الوالدية
افتتحت صباح الثلاثاء 8/4/2008 بجامعة الدول العربية بالقاهرة فعاليات الورشة الخاصة بوضع معايير عربية للأطفال فاقدي الرعاية الوالدية بمشاركة خمسين باحثا ومتخصصا من الوطن العربي يمثلون 17 دولة عربية.واستهلت الوزير المفوض منى سمير كامل مدير إدارة الأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية كلمات الافتتاح مشيرة إلى أن انعقاد هذه الورشة يأتي تنفيذا لتوصيات لجنة الطفولة العربية في دورتها الثانية عشرة بدمشق 2006 والثالثة عشرة بالرياض 2007 والتي أكدتا على ضرورة إعداد دراسة حول الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية ومناقشتها خلال ورشة عمل بهدف وضع معايير عربية للعناية بهم.وأوضحت منى كامل أن الورشة تأتي أيضا انسجاما مع الأهداف والتدابير الخاصة بالخطة العربية الثانية للطفولة بشأن حماية الأطفال في الظروف الصعبة، ومع الأهداف التي حددتها الاستراتيجية العربية للأسرة، والتي تعد المرجعيات الأساسية للعمل الاجتماعي ومنطلقا لمناقشة مسودة الدليل الإرشادي للأمم المتحدة حول التطبيق السليم للعناية البديلة للأطفال.وقالت الوزير المفوض بجامعة الدول العربية أنه تعزيزا لمبدأ الشراكة قامت الأمانة العامة بالتعاون والتنسيق مع المجلس العربي للطفولة والتنمية والمنظمة الدولية لقرى الأطفال SOS والمعهد العربي لإنماء المدن (مبادرة حماية الأطفال) بدعوة عدد من الخبراء من المجالس والهيئات المعنية بالطفولة، والمنظمات الدولية والإقليمية وغير الحكومية للمشاركة في أعمال هذه الورشة بهدف إثراء المناقشات وتبادل الخبرات للاستفادة من التعدد الثقافي تمهيدا لصياغة معايير عربية تراعي هذا التنوع الذي تتميز به منطقتنا العربية.وأشارت مدير إدارة الأسرة والطفولة بالجامعة العربية إلى أن إشكالية موضوع الرعاية الوالدية أو الرعاية البديلة تكمن في وقوعه وسط حدود مشتركة بين العديد من العلوم التي تبحث علاقاته وارتباطاته المعقدة بكل النظم والسياسات الاجتماعية، لذا فهو موضوع مطروح للمناقشة من أكثر من زاوية، وقابل للتناول بأكثر من منهج.وأوضحت منى كامل حرصها على أن يتضمن جدول الأعمال عددا من المجالات تتسق بالبعد القانوني والبعد الديني وأبعاد الحقوق المختلفة كالحماية والوقاية والرعاية والخدمات وغيرها.وأكدت أنها على ثقة في أن مشاركة الباحثين والمتخصصين من العالم العربي وخارجه ستتيح فرصة التعرف على الخبرة العملية التي يتمتعون بها، والاستفادة منها في وضع المعايير العربية لرعاية هذه الفئة من أطفالنا.وفي كلمتها أوضحت د. ثائرة شعلان مدير إدارة البرامج بالمجلس العربي للطفولة والتنمية أن الدين يقوم على التراحم وإعلاء قيمة الإنسان والمحبة والتآخي، فقد أوصانا باليتيم، وتساءلت شعلان: هل اليتيم الذي أوصانا به الدين هو من فقد أبويه؟ إنها قضية تحتاج إلى نقاش.وقالت ثائرة شعلان إن البعض يعتبر الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية هم من فقدوا أحد أو كلا الوالدين عن طريق الوفاة، ولكن الحقيقية أن هولاء يشكلون شريحة واحدة فقط ضمن شرائح أخرى تضم الأطفال المولودين خارج نطاق الزواج الشرعي والأطفال التائهين من ذويهم والمسروقين والمتاجر بهم والأطفال الذين فقدوا أهلهم في الحروب والأطفال الذين تخلى ذووهم عنهم ولجأوا للشارع إلى آخره.وأوضحت مدير إدارة البرامج بالمجلس العربي للطفولة والتنمية أنه ليس هناك أعداد معلومة عن الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية في العالم العربي اليوم، ولكن الدلائل تشير إلى تزايد أعدادهم بسبب التغيرات الجذرية التي يشهدها في منظومته الأسرية والاقتصادية والاجتماعية والسلوكية. وضربت مثلا بالحروب والصراعات في المنطقة وتزايد نسب الفقر وزيادة نسب الزواج العرفي أو المساكنة أو غيره من أنواع الزواج والعلاقات غير المقننة. وأوضحت أن عدم الاعتراف بهؤلاء الأطفال هو مأساة إنسانية بكل المعاني. وقالت إننا اليوم أمام مسئولية أخلاقية ودينية وإنسانية واجتماعية يجب أن تتحول إلى مسئولية قانونية لإنقاذ هؤلاء الأطفال من النبذ والاستبعاد والتهميش الذي يعرضهم للانتهاك والمخاطر.وأشارت شعلان إلى أن العالم العربي يحتاج اليوم وبشدة إلى إرساء وتقوية منظومة حماية الأطفال، وتقديم الرعاية البديلة المناسبة لهؤلاء الأطفال، كما يحتاج إلى الحديث بصراحة وجرأة عن وضع المرأة وتقنين العلاقات بين الشباب وقضية التبني لحل مشكلة الأطفال مجهولي النسب، والأطفال المهجورين من قبل أهاليهم، ودعم الأسر الفقيرة للإبقاء على أطفالها وعدم التخلي عنهم بسبب الفقر والعمل إلى إنشاء وتقوية مكاتب الإرشاد الأسري.وأضافت أن العالم العربي يحتاج للعمل على الوقاية من وجود أطفال بدون رعاية أسرية من خلال القوانين والخدمات التي يجب أن تقدم لأسر الأطفال والأسر البديلة وتشجيع وجود الطفل في إطار أسرة مراعاة لحاجاته الإنسانية واحتياجه للحنان والحب والتوجيه والرعاية والجو الأسري لكي ينشأ في أمان ويحقق التوازن النفسي والعقلي.وتختتم د. ثائرة شعلان كلمتها بأننا نقسو قسوة شديدة على هؤلاء الأطفال ونتناسى ديننا وقد أوصانا بهم ربنا، كما أننا ننسى حقوقهم كأطفال في الحب والرعاية ليكبروا متوازنين محبين لمجتمعاتهم، مشيرة إلى أننا نقسو أيضا على مجتمعاتنا التي تحرم من خدمة هؤلاء  الأطفال لها إذا ما حرموا من الرعاية والتعليم والحب.من جهتها أوضحت عفيفة الديراني أرسانيوس، ممثلة الاتحاد الدولي لقرى الأطفال  SOS عضو مجلس الشيوخ للاتحاد الدولي لقرى الأطفال SOS رئيس مجلس إدارة جمعية قرى الأطفال SOS اللبنانية، أنه إبان الحرب العالمية الثانية أدرك النمساوي هربمن غماينر (مؤسس قرى الأطفال SOS) حق العديد من الأطفال بأسرة بديلة تعوضهم قد المستطاع فقدانهم لرعاية أهلهم نتيجة الوفاة، وكانت فكرته بسيطة جدا وساحرة في آن، فهو الذي فقد أهله يافعا وقامت برعايته شقيقته الكبرى مما منحه فرصة انطلاق جديدة غيرت مفهوم الرعاية البديلة في العالم، حيث ولدت فكرة قرى الأطفال لتمنح الطفل الذي فقد رعاية والديه بيتا جديدا ولتؤكد بذلك على حقه بالرعاية الأسرية.وتؤكد أرسانيوس أن الرعاية البديلة في قرى الأطفال SOS قامت على أم بديلة تقوم برعاية أطفال ليس أطفالها البيولوجيين ولكنها مستعدة لتكريس حياتها من أجلهم. وإخوة وأخوات يتشاركون حياتهم ويشكلون معا أسرة متماسكة. وقرية تشكل معبرا نحو الاندماج والتفاعل مع المجتمع المحيط.وتشرح عفيفة أرسانيوس أن قرى الأطفال لم تكتف بهذا، فمن خلال عملها وجدت أن عائلات كثيرة قد تتخلى عن أطفالها بسبب تعرضها لضغوط إنسانية أو اقتصادية أو اجتماعية، فبادرت إلى إنشاء برنامج دعم الأسرة، بهدف الوقاية من التخلي عن الأطفال، ومع هذا البرنامج أصبح عمل قرى الأطفال متكاملا: تمكين الأسر المهددة ومرافقتها نحو تحقيق استقلاليتها المادية والاجتماعية، وتوفير الرعاية الأسرية البديلة للأطفال الذين فقدوا رعاية أهلهم البيولوجيين.وتؤكد أرسانيوس أن فكرة هرمن غماينر نجحت وانتشرت في العالم كله، واليوم توجد 485 قرية SOS في أكثر من 134 دولة في العالم، بينها عشر دول عربية فيها 26 قرية أطفال SOS هي: لبنان، مصر، الأردن، فلسطين، سوريا، الجزائر، المغرب، السودان، تونس، الصومال. فضلا عن وجود 358 بيتا للشباب انبثق عن هذه القرى.وتختتم عفيفة أرسانيوس بأنه على الرغم من كل المحن التي يمر بها لبنان فقد تم تصنيفه مؤخرا بين المجموعة الأولى من الدول التي أحرزت تقدما كبيرا في تحقيق الأهداف المنشودة للنهوض بالطفل العربي
***
بعد ذلك بدأت الجلسة العلمية الأولى برئاسة د. عثمان الحسن محمد نور المستشار بالمعهد العربي لإنماء المدن (مبادرة حماية الأطفال) وفيها تحدث الخبير د. نايجل كانتويل وعرض لمسودة الموجهات الدولية للرعاية البديلة للأطفال فاقدي الرعاية الوالدية، وتحدث عن مؤسسات خاصة للرعاية البديلة تم إنشاؤها بطريق مختلفة، ولا توجد هناك أي أسلوب لمتابعة عملها أو سؤالها، ونشعر بضرورة متابعتها، وضرب مثلا بدولة ناميبيا التي بها مؤسسات رعاية غير مسجلة فكيف يتم الإشراف عليها وعلى الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية بها.وهذه من المشاكل المطروحة أو التي يواجهها العمل في الرعاية البديلة واتفاقية حقوق الطفل. وهناك تطور لبعض المعايير المقبولة والقابلة للتطبيق لرعاية الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية.وأشار كانتويل إلى أنه بالإضافة إلى اليونيسيف قام الاتحاد الدولي لقرى الأطفال SOS  تطوير ورقة لتطبيق حقوق الأطفال عام 2004. وقال إن اليونيسيف والمنظمات غير الحكومية واللجنة شاركوا في وضع بعض القواعد وعند اتخاذ القرار النهائي لتطبيق حماية حقوق الطفل قمنا بالمناقشة في اجتماع حكومي في البرازيل وحضره الكثير الدول واللجان فكانت المبادرة حكومية لاتخاذ إجراءات في هذا المجال، وحاليا تقوم البرازيل بالتقدم تجاه المبادرة.كما أشار كانتويل إلى اتفاقية حماية حقوق الإنسان بجنيف 2007 لتطوير القواعد الإرشادية وهو يريد أن يشارك الجميع في هذا العمل مازلنا في حاجة لدفع المزيد نحو هذه الموجهات، فمن حق الطفل أن ينشأ داخل أسرة إذا كان هذا ممكنا، وأوضح أن هناك مسئولية تقع على عاتق المنظمات المسئولة عن الرعاية البديلة إلى جانب الدول، وأنه من المهم للغاية توضيح أن وضع الطفل يجب أن متابعته بشكل دوري.وذكر كانتويل أن الرعاية غير الرسمية للطفل لم يتم ذكرها في اتفاقية حقوق الإنسان، وهذا يجعلنا نقول إنه ليس هناك معايير. وذكرت الاتفاقية الرعاية المؤسسية، غير أنها لا تعرِّف المؤسسة، كما أنها لا تحدد (الضرورة) ومتى تكون الضرورة هذه أمر أساسي لتقديم الرعاية للأطفال، غير أنه هناك تأكيد واضح على تعزيز الرعاية الأبوية. وأكد كانتويل أنه يجب استشارة الطفل في جميع المراحل.وعرضت الخبيرة لمياء بلبل للدراسة التحليلية التي قامت بها لواقع الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية في المنطقة العربية، وقد هدفت هذه الدراسة إلى رصد حجم الظاهرة عن طريق الإحصاءات المتوافرة، ومعرفة أسباب إيداع الأطفال في المؤسسات، وأنماط الرعاية الموجودة في تلك المؤسسات، والبرامج والخدمات المقدمة لهذه الفئة من الأطفال، والتشريعات والقوانين.وأوضحت لمياء بلبل أن هذه الدراسات البحثية مكتبية وليست ميدانية، وذلك من خلال دراسات وتقارير وبحوث واستراتيجيات وتجارب من 11 دول عربية هي التي أرسلت البيانات المطلوبة. ثم قدمت بعض التعريفات والملاحظات، مؤكدة أن هناك نقصا حادا في البيانات حول موضوع الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية في دول المنطقة، واقتصرت البيانات المتوافرة على استعراض لأنواع الرعاية البديلة.كما أوضحت بلبل في دراستها أسباب إيداع الأطفال في مؤسسات الرعاية، فهناك أسباب اقتصادية مثل الفقر والبطالة، وأسباب اجتماعية مثل التفكك الأسري والطلاق، والعنف الذي يؤدي إلى هروب الأطفال من بيوتهم أو فصل الأطفال، إلى جانب أسباب أخرى مثل الحروب والكوارث الطبيعية
وأشارت لمياء بلبل إلى أنماط الرعاية الموجودة في المنطقة العربية مثل الإيداع في مؤسسات الرعاية، والأسر البديلة (وقد أوضحت الدراسة أن شرطا أساسيا للأسرة البديلة أن تكون مسلمة بالنسبة للمسلمين) والكفالة، وقرى الأطفال مع اختلاف التسمية، والتبني.كما تحدثت بلبل عن التشريعات الوطنية التي تقوم على تنظيم عملية إيداع الأطفال في المؤسسات، والشروط الواجب توافرها في الأسر البديلة التي تحتض الأطفال، وأوضحت أنه لا يوجد تشريع يضمن حقوق الأطفال داخل الأسر التي تتولى مسئولية رعايتهم.وفي نهاية دراستها اقترحت لمياء بلبل بعض التوصيات منها مراعاة التشريعات والقوانين الخاصة للأطفال فاقدي الرعاية الوالدية، وإعطاء الأولوية لوضع استراتيجيات وقائية لتساعد في منع انفصال الأطفال عن أسرهم، وأن يصبح إيداع الأطفال في مؤسسات الرعاية الخيار الأخير، ودعم ومساندة الأسرة للقيام بدورها وتقديم برامج التربية الوالدية، وتطوير سلسلة من البدائل لرعاية الأطفال بمشاركة المجتمع المحلي والجمعيات الأهلية، والتوعية بثقافة حقوق الطفل.وفي مناقشة المتحدثين السابقين والتعليق على ما جاء في أوراقهم تساءل السفير حسين الصدر عن وضع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أو المعاقين في إطار الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية. وتحدث محمد رشيد من العراق عن وضع أطفال العراق وخاصة أثناء الحرب مع إيران وبعدها وأشار إلى عدم وجود قرى أطفال SOS بالعراق، وحث على ضرورة محاسبة مؤسسات الرعاية فهناك نقص شديد في عملية التأهيل في هذه المؤسسات
وأشارت أميرة فاضل من السودان إلى ضرورة توحيد المصطلحات المستخدمة في هذا المجال، وتساءلت عن الإطار النظري.وتحدث بعض المعلقين عن تجارب بلادهم في مجال رعاية الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية فالبحرين تدفع رواتب للمطلقات والأرامل، والسعودية بها قرى للأطفال.وقال أحد المعلقين أن الأطفال ضحايا أخطائنا لذا يجب التركيز على دور الأسرة وتأهيلها، وتحدث أخر عن أطفال الشوارع والفرق بين الرعاية والتربية، وأن هناك بعض دور الرعاية تركز على الرعاية البدنية وتهمل الرعاية النفسية، وأنه يجب إعادة تهيئة الأب والأم لمعرفة كيف يعاملون أطفالهم، وتساءل أحد الحضور عن العلاقة الديناميكية بين الطفل والأسرة والمجتمع وأنه لابد من تقنين هذه العلاقة، وتحدث آخر عن كيفية دمج أطفال الأسر (بدون) بالخليج في المجتمع.وأضاف أحد المتحدثين كلمة عن مشاكل الطفل في لبنان الآن، وبنه آخر إلى الأمهات ضحايا الاغتصاب والزواج بالإكراه.
***
الجلسة الثانية رأسها السفير المصري حسين الصدر مستشار المجلس القومي للطفولة والأمومة وفيها تحدثت نجاة بن صالح الشابي القاضية بوزارة العدل التونسية عن قضية الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية من الناحية القانونية، وقدمت مسودة الدليل الإرشادي حول التطبيق السليم للعناية البديلة بالأطفال.وأوضحت أن مسودة الدليل تكرس المبادئ والمعايير المضمنة بالصكوك الدولية وجملة الإعلانات المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة والنظم الأساسية والصكوك ذات الصلة للوكالات المتخصصة والمنظمات الدولية المعنية ببقاء ونماء وحماية ورفاه الطفل. وأشارت إلى اعتماد المسودة أحكام الإعلان المتعلق بالمبادئ الاجتماعية والقانونية المتصلة بحماية الأطفال ورعايتهم، مع الاهتمام الخاص بالحضانة والتبني على الصعيدين الوطني والدولي، إلى جانب الإعلان بشأن حماية النساء والأطفال أثناء الطوارئ والمنازعات المسلحة.وتحدثت عن الطفل والأسرة وضرورة تجنّب فصل الطفل عن والديه، وتعريف الأطفال الفاقدين للرعاية الوالدية، وأوضحت الشابي أن تقرير لليونيسيف عن أوضاع الأطفال في العالم لسنة 2004 يشير ألى أن هناك حوالي 140 مليون طفل في العالم قد فقدوا رعاية أحد أو كلا الوالدين. ويقصد بالأطفال المحرومون من رعاية الأهل: جميع الأطفال الذين لا يعيشون مع واحد من الأبوين على الأقل، لأي سبب من الأسباب. وقالت نجاة الشابي إن هذا التعريف يشمل الأطفال بدون صحبة (وهم الأطفال بدون رعاية أسرية الموجودون خارج موطن إقامتهم المعتاد إذا لم يقم برعايتهم أحد الأقارب أو شخص بالغ مسئول عن ذلك بمقتضى القانون أو العادات). والأطفال المنفصلون (إذا تم فصلهم عن المقدم الأولي للرعاية سواء تم ذلك على أساس قانوني أو بحكم العادات، ولا يكون الانفصال بالضرورة عن أحد الأقارب، والأطفال ضحايا ظروف الطوارﺉ.ثم أشارت إلى  حقوق الطفل في الرعاية البديلة، والمبادئ الدولية في هذا الصدد، والخيارات المتاحة لحماية الطفل المحروم من بيئته العائلية والإشكاليات المطروحة في العالم العربي، فضلا عن موضوعي الكفالة والتبني، فالكفالة شرعا هي الإلتزام برعاية طفل فاقد لرعاية الوالدين لأي سبب من الأسباب وتربيته وحمايته والنفقة عليه دون أن يترتب عن ذلك حق للطفل في النسب أو الإرث، بينما يتمتع الطفل المتبنى بنفس حقوق الطفل الشرعي وتحمل عليه نفس الواجبات. ويسري نظام الكفالة في كافة البلدان العربية الإسلامية التي لا تجيز التبني وتعتبره منافيا للشريعة الإسلامية بقوله تعالى في سورة الأحزاب {أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما
وأشارت الشابي في هذا السياق إلى أن تحتاج الدول العربية إلى:
 -
إصدار قانون خاص بنظام الكفالة يتضمن الشروط الواجب توفرها لضمان حق الطفل المكفول بما يتماشى ومصلحته الفضلى
-
إشراف الهيئات القضائية المتخصصة في شؤون الأسرة والطفولة على عقود الكفالة ومراجعتها بالاستعانة بأهل الخبرة مثل المرشدين الاجتماعيين
-
الإحاطة بالأسر الكفيلة أو الحاضنة وتقديم الدعم الملائم لها
-
البحث في الأسرة الموسعة للطفل لإيجاد من يكفله وبذل كافة الجهود لعدم التخلي عن الطفل
-
السماح للمرأة العزباء مثل المغرب (المادة 8 من قانون الكفالة) بكفالة طفل محروم من الرعاية الوالدية خاصة في ظل ارتفاع معدل العزوبة في بعض البلدان العربية.
-
وضع التدابير اللازمة للتشجيع على كفالة الأطفال المحرومون من الرعاية الأسرية بما في ذلك الأطفال المعوقين والأطفال المولودون خارج إطار الزواج
-
الاستفادة من قوانين الميراث في بعض البلدان العربية التي لا تتعارض مع الديانة الإسلامية مثل ما يعرف بالتنزيل في المغرب حتى ينتفع الأطفال المكفولين بجزء من الميراث، إن رغب الكفيل في ذلك. ويقصد بالتنزيل حسب المادة 315 من المدونة المغربية.وتحدثت نجاة الشابي في بحثها عن الولاية على القاصر، والحق في التسجيل فور الولادة، والحق في الجنسية، والحق في الإسم واللقب العائلي، وحق الطفل في معرفة أصله، والرعاية البديلة في ظروف الطوارئ
وفي أكثر المشاركات المثيرة للجدل تحدث د. عبدالله النجار الأستاذ بجامعة الأزهر بالقاهرة عن قضية الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية من الناحية الدينية (نظرة الدين الإسلامي) فركز على علاج التشريع الإسلامي، وبين أن آلية علاج هذه الأمور يتم في أغلب الأحوال بالخطابة والوعظ. وأن الأمر لا يحتاج خطابة ووعظ، ولكن آلية محددة يتفق الجميع عليها، فالأطفال رجال الغد إذا نشأوا في بيئة طبيعية، وإذا لم يحدث فإنهم يتحولون إلى قنابل موقوتة تفجر الإنسانية بكاملها. وأوضح النجار ثلاثة عناصر في هذا الشأن فتحدث عن طبيعة حق الطفل في الرعاية الوالدية من وجهة النظر الإسلامية، والوسائل التي قررتها الشريعة الإسلامية لضمان حق الطفل في الرعاية الوالدية، والحماية التي قررتها الشريعة للأطفال في هذا المجال.وقال النجار إنه لا يخيفني الألفاظ والمسميات ولكن ما يخيفني الممارسات العملية، فما معنى أن يكون الطفل في رعاية أسرة بديلة مادام حرم من رعاية الأسرة الأصيلة أو الطبيعية، وأوضح أن هناك ألفاظ تطلق على الأطفال من هذا النوع مثل: اليتيم والقطيع واللقيط واللطيم (من لطم الخدود).وأشار النجار أنه في جميع الأحوال من حق الطفل، ومن القواعد المعمول بها "كلما كان صاحب الحق ضعيفا كان حقه متميزا"، كما تحدث عن حق النسب والإقرار به، وحق الحياة، وحق الهوية، والكفالة
أما وجهة نظر الدين المسيحي في قضية الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية من الناحية الدينية فقد تحدث عنها د. ثروت إسحاق أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس بالقاهرة، وقال نستشف روح المسيحية من الكتاب المقدس حيث الأسرة هي المؤسسة الرئيسية التي يعيش في ظلها الأطفال، والأهمية البالغة للأسرة حيث يؤكد السيد المسيح وحدانية الزواج. وأشار إسحاق إلى أنه بدأ ظهور المؤسسات الدينية المسيحية في مصر حديثا بالجمعية اليونانية، وجمعية توفيق القبطية في القرن التاسع عشر، وظهرت أهمية الرعاية الوالدية للأطفال، وتعتقد الكنيسة أن الطرف الباقي على قيد الحياة يتمكن من أن يقوم بالتنشئة والرعاية السليمة، وأن يقوم بدور الطرف الذي فقد رعاية حقيقية.كما تحدث إسحاق عن الرعاية البديلة ودور المؤسسات الإيوائية في رعاية الطفل، وأشار إلى دور الكنيسة بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة من الأيتام وأنهم يترددون على الكنيسة كمرتلين للكتاب المقدس (الإنجيل) ويتعلمون طريقة برايل، ويمكن أن تستمر الكفيفات في التعليم.وقد يحدث أن تكلف الكنيسة إحدى الأسر بالرعاية، أو تعطي طفلا لأسرة محرومة من الإنجاب فتتبناه إلى أجل، أو تتولى مؤسسة رسمية تربية الطفل وتقدم تقريرا عن حالة الطفل النفسية والروحية. وفي هذه الحالة يتولى الأسقف والكاهن متابعة الطفل في هذه المؤسسات الرسمية أو الحكومية.وأوضح د. ثروت إسحاق أن الكنيسة تقدم الدعم والرعاية والحماية للطفل فاقد الرعاية الوالدية، ويتم متابعته من خلال الآباء والكهنة ليشبوا أسوياء عاقلين، ونبه على عدم الفصل بين الأشقاء عند إيداعهم تلك المؤسسات، وأن الدولة تخطر لضمان حق الطفل وإثبات حقوقه.وأشار إسحاق إلى أن الكنيسة تعتنق مبدأ التبني ويمكن استشارة الطفل في هذا الأمر هل يقبل أم لا يقبل. كما أوضح أن الكنيسة تهتم باستمرار العلاقة بين الوالدين المنفصلين لصالح الأولاد، كما تحرص الكنيسة في حالة إدمان الطفل اليتيم على سبيل المثال، أن تساعده حتى يبرأ من هذا الداء ببرامج روحية ونفسية مدروسة. وأن الكنيسة تشجع على قيام جمعيات أهلية تؤدي العمل العام بالتوعية وضمان الحصول على الدعم الاجتماعي والنفسي، كما أنها تحرص على عملية التشبيك بين المدرسة والكنيسة الأفراد الموجودين على قيد الحياة.الجلسة الثالثة رأستها د. نورة السبيعي رئيس مجلس إدارة المؤسسة القطرية لحماية الطفل والمرأة بدولة قطر، وفيها تحدثت زينة علوش عن المنظمة الدولية لقرى الأطفال SOS واستعرضت الفكرة في مسارها التاريخي وكيف كان التمثيل العربي ضعيفا، وأنه في عام 2002 رعت لجنة حقوق الطفل الدولية في جنيف تطوير معايير دولية لرعاية الأطفال الذين فقدوا، أو هم، في خطر فقدان الرعاية الطفولية، وفي عام 2006 كان التطبيق السليم للرعاية البديلة ووضعت الشروط المطلوب توافرها.وأشارت علوش إلى حق الطفل بالبقاء ضمن أسرته، وإذا كان البديل هو قرار الفصل ولابد أن تكون هناك مرجعية لقرار الفصل، ومن الذي يتخذ قرار وضع الطفل في الجهة البديلة، وما شكل الرعاية الملائمة، حيث لا يوجد نموذج أمثل لهذه الرعاية، فكل طفل له حاجاته الخاصة، وحين يكون الطفل ضمن الرعاية البديلة لابد من التفكير أيضا في إعادة الطفل للبيئة الأصلية ولم شمل العائلة لأن الهدف الأساسي هو حماية الطفل.وقدمت زينة علوش نموذجا لعمل الاتحاد الدولي لقرى الأطفال، وبرنامج تعزيز الأسرة بهدف الوقاية عن التخلي عن الأطفال. وأشارت إلى حق الطفل في البقاء في أسرته، وأن الفقر وحده لا يشكل معيارا للقبول ضمن قرى الأطفال.وأوضحت علوش أن تعزيز الأسرة يأتي على مراحل وأشارت إلى برامج تمكين العائلات مثل المشورة الاجتماعية والنفسية والمهارات الحياتية ومحو الأمية ومهارات التخطيط، فأحيانا باستشارة بسيطة يمكن تغيير مسار العائلة، كما أشارت إلى الدعم المالي وبرامج تمكين للشباب. وأشارت إلى أن 84% من العائلات اللبنانية حققت استقلاليتها المادية والاجتماعية خلال عام 2003 وبالتالي استطاع البرنامج تمكين العائلات المهددة بالتخلي عن الأطفال نتيجة الفقر من رعاية الأطفال والإبقاء عليهم
 في عائلاتهم وبيئاتهم الطبيعية.وأوضحت زينة علوش أنه رغم نجاح تعزيز الأسرة في الوقاية من التخلي عن الأطفال يجب الإشارة إلى أن العديد من الأطفال يجدون أنفسهم في المؤسسات الرعائية، وأشارت إلى قلة الأبحاث والدراسات المتعلقة بأسباب التخلي عن الأطفال وصعوبة التأسيس لشراكات على المدى الطويل، وأنه يجب تمكين العائلات من إعادة احتضان الأطفال الذين سبق أن أودعوا في قرى الأطفال بما يتناسب مع مصلحتهم الفضلى عبر توفير الدعم النفسي والتربوي والاقتصادي.وفي ختام مشاركتها أشارت علوش إلى دراسة على 60 شابا من قدامي SOS اختيروا عشوائيا وتركوا القرى منذ سنين. وتختم وفاء البابا جملة أبحاث ودراسات اليوم الأول من ورشة العمل بحديث عن تجربة مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان والخدمات الاجتماعية المتوافرة للأطفال فاقدي الرعاية الوالدية، وأشارت إلى تنوع فئات الرعاية الوالدية والقيم الاجتماعية
في المجتمع العربي والمعايير العربية لهذا التنوع والنواحي القانونية المتعلقة به وأيضا النواحي الدينية.وأوضحت البابا أن دور الرعاية هو إسعاد الأطفال وليس قهرهم، وأن لبنان تدفع 15 مليون دولار سنويا لرعاية الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية من خلال خدمات مؤسسات الرعاية الاجتماعية، مشيرة إلى المثل القائل "إذا أردت أن تعرف ماذا في البلاد العربية عليك أن تعرف ماذا في البرازيل."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق