الخميس، 8 ديسمبر 2011

معايير عربية للاطفال فاقدي الرعاية الوالدية

هل مؤسسات الرعاية البديلة يمكن أن تحل محل أسرة الطفل ؟؟؟

ذاتهم لتمكينهم وتوسيع معرفتهم بحقوقهم وواجباتهم ووفق المعايير الدولية لحقوق الطفل.
أسرة الطفل الأصلية
بهذه الإشكالات تعتبر مؤسسات الرعاية البديلة خيارا صعبا. كيف يمكن تعميق مفهوم الأسرة البديلة في المجتمع السوري ليكون بديلا عن مؤسسات الرعاية البديلة التي لا يرى فيها البعض سوى ملاجيء للأطفال، أو في أحسن الأحوال مؤسسات إيوائية؟
إن استعراض الإشكاليات التي يتعرض لها الأطفال لا بد أن تدفع باتجاه التوجه الجدي من أجل إعادة الطفل إلى أسرته، أو العمل على إيجاد أسرة بديلة؛ لأنها تبقى الأقدر على تلبية احتياجاته النفسية والبدنية والاجتماعية،
وهي البيئة الأفضل من أجل الحماية والنماء السليم للطفل.لذلك، فإن على مؤسسات الرعاية البديلة البحث عن الأسرة التي ولد منها الطفل عن طريق جهاز خاص تابع لها، أو بواسطة الشرطة، أو أية جهة مساعدة بهذا الخصوص. و تشجيع الاتصال والتواصل بين الأسرة أو الأقارب والطفل. وفي حال إيجاد الأسرة البديلة، لا بد من تحليل المشاكل والصعوبات التي تواجهها تلك الأسرة، والمبادرة إلى تقديم المساعدة للوالدين؛ لكي يصبحوا قادرين على رعاية أطفالهم وإعادتهم إليهم. ثم لا بد من توفير الدعم المالي أو الاجتماعي أو النفسي للأسر التي تحتاج لدعم خاص، إن كان عن طريق المعالجة النفسية، أو إعادة التأهيل لمتعاطي المواد الكحولية أو المخدرة. وفي حال عودة الطفل إلى أسرته الأصلية أو أحد أقاربه فلا بد من توفير الدعم والمتابعة والمراقبة للأسرة والطفل، وإجراء مراجعة دورية لحالة كل طفل قد عاد لأسرته أو أقاربه.
يرى الباحث الاجتماعي والمحامي محمد علي صايغ أن الجمعيات الخيرية يمكن أن تحل محل الدولة في تأسيس مؤسسات الرعاية البديلة. إلا أن مؤسسات الرعاية البديلة، كما يعتقد الصايغ، لا يمكن أن تلعب أدوار الأسرة الأصلية أو البديلة، مرجعا ذلك إلى مجموعة من الاعتبارات والإشكالات التي يئن تحت وطأتها أطفال الرعاية المؤسسية.وهو يرى أن مؤسسات الرعاية البديلة لا يمكن أن تحل محل أسرة الطفل والأفضلية للأسرة الأصلية أو البديلة وأن على هذه المؤسسات البحث عن الأسرة الأصيلة أو حتى البديلة لاستيعاب الطفل وإشعاره أن له أسرة تخاف عليه وتراعاه وتحتويه بعطفها وحنانها.ويرى الباحث الصايغ أن الطفل في تلك الأسرة يعاني من إشكالات داخلية مركبة وكذلك يشعر بالدونية والنبذ الاجتماعي خاصة إن كانت الأوامر قاسية ومشددة وهو ينتظرها طبعا ليل نهار صباحا ومساء.ولأن البعض لا يرى في مؤسسات الرعاية البديلة سوى ملاجيء للأطفال، أو ـ في أحسن الأحوال ـ مؤسسات إيوائية؛ فإننا نستكمل مع الصايغ حوارنا في سياق واقع مؤسسات الرعاية البديلة، وإشكالاتها وهمومها.

"
الخيرية" محل الدولة
يبقى الخيار الرابع، أي مؤسسات الرعاية البديلة. ما المقصود بها؟ وهل بناؤها مسؤولية تقع على عاتق الدولة أو المجتمع الأهلي؟
هذه المؤسسات تقوم على رعاية بديلة للأيتام والمشردين واللقطاء .. وهي عادة مسؤولية الدولة في إحداث هذه المؤسسات للأطفال فاقدي الرعاية الأبوية والأسرية, وقد تحل جزئيا بعض الجمعيات أو المنظمات الخيرية محل الدولة في تأسيس مثل هذه المؤسسات لرعاية الأطفال.هل يمكن لمؤسسات الرعاية البديلة، مهما وفرت من رعاية وخدمات، أن تحتل مكانة الأسرة الأصلية أو البديلة؟
لا بد من التأكيد على أنه يجب دعم التوجه باتجاه إعادة الأطفال المحرومين من الرعاية الاجتماعية إلى أسرهم الأصلية أو البديلة كلما أمكن ذلك. والدافع الذي يكمن من وراء تشجيع إعادة الأطفال لأسرهم ودعم تلك الأسر هو أن التجربة أثبتت أن مؤسسات الرعاية البديلة لا يمكن أن تحل محل أسرة الطفل، كما أن تلك المؤسسات ليست بالضرورة مكانا آمنا للأطفال، مهما بلغت قدرة هذه المؤسسات على توفير تلك الرعاية المناسبة للطفل؛ إذ كثيرا ما يكتنف وجود هذه المؤسسات من مظاهر تؤدي إلى التأثير السلبي على نماء الطفل. ولذلك فإن الأسرة الأصلية أو الأسرة البديلة للطفل تبقى لها الأفضلية على مؤسسات الرعاية البديلة مهما وفرت تلك المؤسسات من رعاية وخدمات.
إشكالات مركبة
هذا يعني وجود معايير أو شروط عند البحث في مفهوم مؤسسات الرعاية البديلة؟
لا بد من توافر معيارين عند بحث مفهوم الرعاية البديلة: الأول، يتعلق بتفضيل الأسرة على الإيداع في مؤسسات الرعاية البديلة. والثاني، يرتبط بتفضيل الحلول الدائمة على الإجراءات المؤقتة.نَوَّهتم في أكثر من مناسبة إلى أن الطفل في مؤسسات الرعاية البديلة يتعرض إلى إشكالات مركبة داخلية. ما هي؟
يمكن أن تتبدى هذه الإشكالات في عدم توافر البيئة الآمنة، وسوء التكيف مع المحيط، وإساءة المعاملة، والإهمال، والخوف من المستقبل، وغياب المشاركة، وفقدان معايير الاختيار والاختبار للمشرفين على الأطفال.التهديد المستمر
في سياق الحديث عن فقدان البيئة الآمنة في مؤسسات الرعاية البديلة، هل لك بتوضيح الشروط والظروف التي يعيشها الطفل؟
لا يكفي أن تقوم مؤسسات الرعاية بإشباع احتياجات الأطفال الأساسية من مأكل وملبس ومأوى؛ إذ لا بد من إشباع احتياجاتهم الانفعالية والعاطفية؛ ذلك لأن الحرمان العاطفي للطفل ( فقدان الأسرة ) يجعله أقل قدرة على مواجهة المواقف الحياتية، مما ينتج عنه الاضطراب النفسي، وافتقاد لمفهوم الذات لديه. وبالتالي فإن فاقدي الرعاية في المؤسسات الرعائية يشعرون بالتهديد المستمر من قبل القائمين على رعايتهم. والخوف من الطرد أو الحرمان ينعكس على ظهور الاضطرابات السلوكية لدى الأطفال الصغار كالتبول اللاإرادي، وشد الشعر، وقضم الأظافر، والعض على الأصابع. وفي المراحل المتقدمة من عمر الأطفال ( المراهقة وما بعد ) يتكون شعور بالنبذ الاجتماعي، والدونية، وعدم رغبة الآخرين بهم.
برامج الدمج الاجتماعي
هذا يدل على سوء تكيف الطفل في مؤسسة الرعاية. ما أهمية التواصل الداخلي والخارجي في هذا السياق؟ وكيف يمكن بناء هذا التواصل؟
إن وجود الأطفال في مؤسسات الرعاية البديلة يولد لديهم، في غياب برامج الدمج الاجتماعي، شعورا بالعزلة عن المجتمع، ويجعلهم أقل قدرة على تكوين علاقات اجتماعيه طبيعية مع الآخرين، وأكثر تعرضا للاضطرابات النفسية، وظهور حالات من القلق والعدوانية القابلة للانحراف. كما أن افتقاد الجو الأسري داخل هذه المؤسسات قد يقود إلى التأخر في نموهم ونمائهم الاجتماعي الحركي واللغوي، وإلى التراجع الدراسي والتسرب المدرسي رغم تميزهم العقلي. وتشير الدراسات ومؤشرات التكيف إلى أن السلوك الانحرافي لدى فاقدي الرعاية الأسرية من المشردين والأيتام واللقطاء أكبر بكثير ممن تتوفر لديهم هذه الرعاية. وهذا يتطلب إعداد برامج مخصصة للزيارات والرحلات، والتواصل مع أسرهم وأقاربهم ومع المؤسسة الإيوائية والمؤسسات والجمعيات الأخرى وأصدقائها.
تمييز وعنف وإهمال
كثيرا ما يتم الحديث عن الإهمال وسوء المعاملة للأطفال في مؤسسات الرعاية البديلة. هل لك أن تضعنا بصورتها؟
كثيرا ما يتعرض الأطفال في مؤسسات الرعاية إلى إساءة المعاملة والتمييز والعنف والإهمال، إن كان من قبل (المتربصين) القائمين عليهم، أو من اعتداء بعض الأطفال على البعض الآخر, وقد تصل الاعتداءات ـ في ظل انعدام الرقابة الفعلية ـ إلى حد الاعتداءات الجنسية، وما يصاحبها من ارتكاسات نفسية خطيرة على الطفل، أو الانطواء المترافق مع الخوف الشديد للبعض الآخر.تساؤلات الإناث أكثر.فقدان البيئة الآمنة، وفقدان التواصل مع الآخرين، فضلا عن الإهمال وسوء المعاملة، كلها عوامل توفر بيئة مناسبة لطرح تساؤلات القلق حول المصير والمستقبل. أليس كذلك؟
في مؤسسات الرعاية البديلة ينتاب الأطفال ( خاصة الفتيان ) الشعور بالخوف من المجهول، وعدم الاستقرار النفسي تجاه المستقبل, وبالتالي بروز التساؤلات المشروعة لديهم من نوع: إلى متى سأبقى في المركز؟ وكيف سيكون مستقبلي؟ وكيف سأُكَوِّن بيتا وأسرة؟؟ وإلى متى ستستمر مؤسسة الرعاية أو الجمعية بكفالتي؟؟
هذه الوضعية المتمثلة في افتقاد الطمأنينة والاستقرار الداخلي تنعكس بشكل ملحوظ لدى البعض على مستوى التحصيل الدراسي، وعدم الرغبة بالمساهمة بأي نشاط، وتشكل لديهم حالات من الإحباط والانكفاء الذاتي وفقدان الأمل بالمستقبل. وتتبدى هذه الوضعية أكثر لدى البنات، وقد تصل إلى حالة الإحباط الشديد لديهن؛ إذ تتفاعل التساؤلات بداخلهن بشكل أوسع عن مصيرهن، وعن نظرة المجتمع لهن، ومن سيقدم على طلب زواجهن في ظل مجتمع يؤمن بمفاهيم محددة عن ارتباط الزواج بالأسرة، وأصل العائلة، ومكانتها الاجتماعية.حالة من الانتظار
يبقى الأطفال في مؤسسة الرعاية البديلة في حالة انتظار للتعليمات والتوجيهات والإرشادات. ما المقصود بذلك؟
مؤسسات الرعاية البديلة لا تولي أية أهمية لمشاركة الأطفال، إن كان في إدارة العمل والنشاطات، أو في البرامج ( في حال وجود برامج ) التي تعد لهم. ويبقى الأطفال في حالة من الانتظار الدائم للتعليمات والتوجيهات والإرشادات .... ويندر أن تجد أطفالا يمارسون فعلا مبدأ المشاركة، وأن تجد بذات الوقت حقوقهم الأخرى مسلوبة, هذا عدا عما تؤمنه المشاركة من أدوار تجدد ثقتهم بالنفس، وتمنحهم الفرصة لاكتشاف إمكاناتهم وقدراتهم.مشرفين مؤهلين
تعتبر عبارة " الرجل المناسب في المكان المناسب " إحدى أهم عوامل تحقيق التقدم في العمل. كيف تقرأ هذه العبارة في سياق الحديث عن اختيار المشرفين والمختصين في مؤسسات الرعاية البديلة؟
غالبا ما تفتقد مؤسسات الرعاية لمعايير محددة لاختيار المشرفين. وفي ظل غياب مشرفين مؤهلين في مراكز الأطفال، أو وجود بعض المشرفين النفسيين الذين لا يملكون التجربة والخبرة, فلا بد من إقامة الدورات التدريبية لهؤلاء المشرفين، وإعدادهم عن طريق مختصين بالتعامل مع الأطفال, وأيضا إقامة الدورات التدريبية للأطفال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق